fbpx

 

منذ مطلع 2020 بدا أن الاقتصاد العالمي تعرض لضربة غير مسبوقة فراحت آثارها تضرب حميع دول العالم بعد الإعلان عن انتشار فيروس كورونا الذي لم تُعرف له أبعادٌ أو نهاية، ثم عم البلاء مختلف الدول لتشمل آثاره الأسر والأفراد ومن باب أولى الحكومات واقتصاداتها.

الاقتصادات العشرين الكبرى في العالم كانت أشد حساسية تجاه آثار الفيروس لضخامتها من وتشابكاتها البينية، وتعرض الاقتصاد التركي المصنف من هذه الاقتصادات العشرين لواحدة من أسوء الأزمات التي عرفها خلال السنوات الأخيرة، فمع منتصف شهر مايو/أيار 2020 أصيب ما يقارب 140 ألف مواطن بفيروس كوفيد ـ19 وبدأت الأرقام تتصاعد بقوة، وتراجع الإنتاج الصناعي في البلاد المترافق مع وقف حركة الطيران والسياحة وتعطل كبير للأعمال التجارية الداخلية، وعلى الرغم من أن أول إصابة أعلن عنها بتركيا كانت بنصف مارس/آذار الأول من 2020 فإن الاقتصاد التركي لم يشهد انعكاسات الفيروس إلا مع بداية الربع الثاني من 2020 فبعد مدة قصيرة بدأت آثار الإغلاق والحظر وتوقف حركة الطيران وانخفاض وتيرة الطلب المحلي والخارجي تظهر بشكل واضح بالحياة اليومية، وانعكست كذلك على سعر صرف الليرة التركية وبالتالي الأسعار.

2020 لم تقتصر آثاره على كورونا، فتركيا خاضت مواجهاتٍ مع الفيروس إلى جانب مواجهات أخرى في حقل الاقتصاد والسياسة، المواجهة مع التضخم لم تكن أقل أهمية من المواجهات الأخرى، محاولات ضبط سعر الصرف التي أطاحت بأكثر من رئيس للبنك المركزي التركي حتى استقر الأمر لشهاب قهوجي أوغلو الذي ركز على جانب مراكمة الاحتياطي النقدي وطمأنة الأسواق والتجار، كذلك المواجهات الإقليمية في البحر المتوسط لأسباب تتعلق بالطاقة والمواجهات في ساحات الشرق الأوسط لتثبيت أركان النفوذ التركي في المنطقة في ظل تحولات غير مسبوقة تشهدها المنطقة برمتها. بالملخص دخل الاقتصاد التركي نفقاً طويلاً ومزعجاً عاناه الجميع ركاباً وإداريين، ومما زاد الطين بلة أن هذا النفق لم يكن إلا جزءاً من نفق أكبر دخلته اقتصادات الدول الكبرى الشريكة والمنافسة للاقتصاد التركي.

في نهاية شهر يونيو/حزيران 2021 أصدر البنك الدولي تقريراً لاستشراف الاقتصاد العالمي أكد قرب انتهاء موجات كورونا على خلفية بدء عمليات اللقاح الواسعة وتطبيع العلاقات مع الواقع الجديد والمرونة التي أبدتها قضايا تحرك الأفراد والسلع بشكل أكثر من أي وقت سابق.

الرئيس #أردوغان: تنتظرنا مرحلة سنسجل فيها حكايتنا بأحرف من ذهب في صفحات التاريخ

الجانب القاتم باقتصادات الدول الكبرى كان تراجع الاستثمارات الأجنبية، ففي 2020 تراجعت الاستثمارات بالمتوسط بنحو 6% عالمياً، ويتوقع أن تبقى متراجعة حتى نهاية 2021، وقد تشهد تحسناً طفيفاً في 2022، ويأتي هذا التحفظ من المستثمرين نتيجة ضبابية المشهد العالمي والمحلي وارتفاع حالة عدم اليقين في الأوضاع السائدة، هذا يعني أن المحفزات الرئيسية ومولدات الاقتصاد بدت معطلة لفترة طويلة نسبياً.

ظهر الأثر العميق للجائحة بوضوح على التجارة العالمية فانخفضت التجارة بالسلع في الربع الأول والثاني من 2020 بشكل ملحوظ ويساوي ما فعلته الأزمة المالية العالمية في 2008 وما بعدها، مما يؤكد أن التجارة حافظت على حد الكفاف بين الدول الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه، أما تجارة الخدمات فتأثرت بشكل أكبر وأعمق ولفترة أطول، فيتوقع أن عودتها إلى مستوياتها السابقة لن تتحقق إلا بمرحلة ما في 2022.

وسط هذا المشهد لم يكن يبدو أن الاقتصاد التركي سيبدأ بالخروج من الأزمة بهذه السرعة، لكن مؤشرات الاقتصاد الكلي دلت على انعكاس الانحناء في حرف (V) الذي مثل حركة الناتج المحلي الإجمالي، فشهد الربع الأول من عام 2021 نمواً قدره 7.2% حسب المكتب الإحصائي التركي وشهد النصف الثاني نمواً فاق 21.5% على أساس سنوي، ليستمر التوقع الإيجابي بأن يحقق الناتج المحلي مزيداً من النمو في الربعين الثالث والرابع من العام نفسه، وربما نشهد نمواً إجمالياً يفوق 8% على أساس سنوي لـ2021، وهذا يدل على تحسن مختلف الأجزاء المكونة للناتج المحلي بما في ذلك الإنتاج والصادرات والخدمات السياحية والمصرفية وسواها من المكونات الرئيسية، ولعل السؤال الأهم كيف حقق الاقتصاد التركي هذه الأرقام؟

أولا.الحزمة التحفيزية الحكومية: فقد رصد تقرير البنك الدولي -مقارنة بغيرها من الدول- تقدماً بحزم التحفيز التركي منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي إذ قاربت حزمة التحفيز المالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ5% في روسيا الشريك التجاري الرئيسي على سبيل المثال، ويتوقع أن هذه الحزم ساعدت بشكل كبير على إعطاء دفعة لنهوض الاقتصاد التركي.

ثانيا. نجاح الاقتصاد التركي في تجنب الركود في 2020: وذلك من خلال رفع معدلات الائتمان وزيادة النشاط الاقتصادي، كما أن عدد الحالات المسجلة في إصابات كوفيد-19 رغم ارتفاعها الكبير كانت أقل من المتوقع وتجنب الاقتصاد الإغلاق العام، وخضعت السياسة النقدية لمراجعات شفافة بأوقات مختلفة من الأزمة.

Share Turk

منصة اخبارية
Follow Me:

Related Posts